المستشار العلي باحثاً في المغرب متطلبات وتحديات توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام وكليّات الصحافة اللبنانية.
توجّه مستشار وزير الإعلام اللبناني للشؤون الإعلامية والسياسية الصحافي ’’ مصباح العلي‘‘ إلى المغرب في 21/22 من شهر شباط/فبراير الجاري للمشاركة في الندوة العلمية الأكاديمية التي نظّمتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وبالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسسكو)، بهدف تعزيز وتطوير الكوادر العربية، ونشر الوعي والثقافة، ومشاركة التجارب الوطنية تحت عنوان ’’ التربية الإعلامية: آفاق وتطلعات‘‘.
العلي شارك في ورقة بحثية حملت عنوان ’’ إشكالية استخدام الذكاء الاصطناعي في كليات الصحافة اللبنانية: المتطلبات والتحديات‘‘، حيثُ تُعالج الورقة البحثية إشكالية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في كليّات الإعلام والصحافة في لبنان، بحيث تسعى هذه الورقة للكشف عن متطلبات البيئة التربوية الإعلامية في هذه الكليات، والتحديات التي تواجهها في إطار توجهاتها نحو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتثنبق أهميّة الورقة البحثية التي قدّمها المستشار العلي من أهميّة محور البحث، فالذكاء الاصطناعي واستخداماته في العمل الإعلامي والصحافي في تطور متسارع بشكلٍ كبير، وضرورة فهم آليات استثماره في هذا السياق بحاجة إلى عمليات تدريب، وتعليم، وتنمية تقودها كليّات الصَّحافة، والمؤسسات الإعلاميَّة والتدريبيَّة ذات الصِلة، لا سيما أنّ التربية الإعلاميَّة ضرورةٌ مُلحّة في التعامل مع تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع أخلاقيات المهنة.
كما عمِلَت الورقة البحثيَّة على توصيف مفهوم الذكاء الاصطناعي الإعلامي لا سيما أنّ صحافة الذكاء الاصطناعي باتت تُسيطر على الإعلام الرقمي، وستؤدي بالضرورة إلى إحداث تغييرات جوهريَّة في مسار العمل الإعلامي ككل، وهذا التغيير سيؤثر بالضرورة على المنتجين (القائم بالاتصال)، وكذلك المتلقّين الذين هم عموم جمهور القراء، ومتابعو الوسائل الإعلامية على اختلافها.
وقد بيّنت النتائج البحثية التي خرج بها العلي في بحثه أنّ صحافة الذكاء الاصطناعي ثورة إعلامية جديدة متوافقة تماماَ مع التقنيات الحديثة للثورة المعلوماتية والصناعية. هذا الذكاء بدا للجميع أن تأثيره كبير على الإعلام والصحافة، من بعد أن اجتاحت الرقمنة كثيراً من المجالات الحيوية.
كما تبيّن لديه أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنامٍ كبير في عالم الصحافة والإعلام، وستؤدي إلى إحداث تغيير جذري في عالم الإعلام، وهذا التغيير سيؤثر بالضرورة على المنتجين، وكذلك المستهلكين الذين هم عموم القراء ومتابعي الوسائل الإعلامية. وكلما تسارعت خطى المؤسسات الإعلامية نحو الرقمنة أولا، ومن ثم احتواء تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرمجياته وتطبيقاته، والعمل على تطويعها من أجل تعزيز العمل الإعلامي وتطويره ثانيا، كانت فرص بقائها في ميدان التنافس كبيرة. والعكس صحيح دون أدنى ريب.
ورأى العلي في خلاصة بحثه أنّ التربية الإعلامية تعتبر عنصراً أساسياً ومكمّلاً لعملية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في كليات الصحافة اللبنانية، فهي تؤسس وتمّهد الأرضية المناسبة لهذا التوظيف، وتمنح الطلبة وسوق العمل لاحقاً أشخاص أكفاء لقيادة مسيرة التطور الذكي في عالم الإعلام والصحافة عبر الذكاء الاصطناعي. ولا شكّ أنّ كليات الصحافة في لبنان تحتاج لمتطلبات عديدة من أجل القيام بهذا التطبيق أهمّها توفير البنية التحتية والبيئة المناسبة، والكوادر المؤهلة، لذا فإنّ أبرز ما سيواجهها من عراقيل هو ما يمر به لبنان من أزمات قد تكبّد هذه الكليات وقتاً أطول، وجهداً أكبر، وتكاليفَ أكثر، كما هي بحاجة إلى تأطير قانوني وتربوي من الجهات المعنية بغية تحقيق ذلك، وجميع ما سبق يحتاج كثيراً من الجهود في ظل بيئة بيروقراطية معقّدة سياسياً واقتصادياً على الصعيد الداخلي.
وبناءً على ما جاء في الورقة البحثية، تقدّم العلي بتوصياته البحثية ضمن ندوة المغرب وهي:
أن تعمل الوزارات اللبنانية ( التربية والتعليم العالي، الإعلام، الطاقة، المالية، الداخلية) بتنسيق مكتمل الأركان مع بعضها البعض بغية رسم خطة استراتيجية بالتعاون مع كليات الصحافة في لبنان حول عملية تضمين التربية الإعلامية الحديثة بما يخدم متطلبات الذكاء الاصطناعي واستخداماته في الإعلام والتربية.
أن تقوم وزارة الإعلام اللبنانية بتنظيم وتنسيق جلسات وورش عمل مع عمداء كليات الصحافة والإعلام في لبنان لتقييم وضع الكليات ومتطلباتها اللازمة للانتقال للذكاء الاصطناعي وتوظيفه في المرحلة المقبلة بالتشاور والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية.
أن يتم إدخال التربية الإعلامية إلى مناهج وزارة التربية في كافة المراحل الدراسية الإعدادية والثانوية بغية تخريج جيل جديد قادر على التعامل مع الإعلام الرقمي والاصطناعي بأخلاقيات تخفف من سلبيات هذه الوسائل وانعكاساتها على المجتمع اللبناني والعربي.
العمل على إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات العلمية والميدانية والتطبيقية حول موضوع الذكاء الاصطناعي وارتباطه بالتربية الإعلامية، وبالعمل الصحافي والإعلامي أيّاً كان نوعه وطبيعته ونشاطه.