Skip to main content
x

لقاح فيروس كورونا: هل يستحق الشباب المرضى أولوية تلقيه؟

أخذت حياة شيخا غويل، البالغة من العمر 37 عاما، منحى جديدا بعد تشخيص إصابتها بسرطان الثدي قبل ثلاثة أشهر.

وتعيش غويل في دلهي، وهي مؤسسة العلامة التجارية "إلك"، واضطرت لإعادة ترتيب حياتها بالكامل. 

وحدث تراجع كبير في حياتها، مهنيا واجتماعيا وكذلك خططها للمستقبل.

كان من الصعب تحمل الصدمة الأولى، لكنها تمالكت نفسها وقررت محاربة المرض بدعم من عائلتها وأصدقائها.

وأطلقت غويل مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشجيع النساء على القيام بفحص دوري للكشف عن سرطان الثدي. وبعد ذلك، بدأت رحلة الجراحات العاجلة وجلسات العلاج الكيميائي.

زارت غويل المستشفى عدة مرات في أول شهر، "وكان كل شيء على ما يرام"، حتى بدأت أعداد حالات الإصابة بكوفيد-19 تتزايد في عدد من الولايات، بما فيها دلهي. 

وبدأت تبحث عبر الإنترنت بنهم عن أي معلومات عن كوفيد-19 والسرطان. وأدركت سريعا أنها تواجه احتمالا كبيرا للإصابة، وقد تكون العواقب وخيمة إذا أصيبت. 

أخافتها فكرة المعاناة المزدوجة، لكنها أدركت كذلك ضرورة تحصين نفسها بشكل أفضل عند زيارتها للمستشفى.

وتقول إن اللقاح هو "الطريقة الأكثر أمنا" لحمايتها من الفيروس، لكنها لا تستطيع الحصول عليه لأنها ليست من الفئات ذات الأولوية.

وهذه ليست حالة غويل وحدها، فالهند بها عشرات الآلاف من المرضى الشباب ضمن الفئات الأكثر عرضة للإصابة، وبحاجة عاجلة للقاح.

ولم تبدأ الهند بعد توفير اللقاح لمن تقل أعمارهم عن 45 عاما، حتى إذا كانوا مصابين بأمراض خطيرة تجعلهم أكثر عرضة لعدوى كورونا.

وحطم هذا الأمر قلب شيخا، التي تواصلت مع عدة مستشفيات في محاولة للحصول على اللقاح، لكنها لم تنجح. وتقول إنها ستستمر في "محاولة التواصل مع مستشفيات أخرى حتى تجد مخرجا."

وأضافت: "أنتصر في حربي ضد مرض السرطان اللعين، وأنا في طريقي للشفاء، لكن خطر الإصابة بعدوى كورونا يحرمني من النوم."

وبقيت لها عدة جلسات من العلاج الكيميائي، التي تتوفر فقط في المستشفيات حيث تزيد احتمالات عدوى كورونا.

ومرضى السرطان، من أمثالها، من بين الفئات الأكثر عرضة للإصابة.

ونصحت الجمعية الأوروبية لعلوم الأورام الحكومات حول العالم بإعطاء أولوية الحصول على اللقاحات لمرضى السرطان، بغض النظر عن أعمارهم.

كما قدمت دراسة نُشرت في دورية نيتشر النصيحة نفسها للحكومات، خاصة المصابين بأنواع معينة من السرطان.

وتعطي عدة دول، من بينها المملكة المتحدة، أولوية تناول اللقاحات للفئات الأكثر عرضة للإصابة، ومن بينها أولئك الذين أصيبوا بأنواع معينة من السرطان. 

كما توصي المراكز الأمريكية للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها بمنح اللقاحات لأصحاب الحالات الصحية الخطيرة في الشريحة العمرية ما بين 16-64 عاما، كونهم معرضين لمضاعفات خطيرة تهدد حياتهم حال الإصابة بكوفيد-19.

ويقول طبيب الأورام الهندي المشهور، الدكتور غاناباثي بات، إن عدم سماح الحكومة لمرضى السرطان من الشباب بتناول اللقاح أمر مقلق.

ويعالج الدكتور بات كثيرا من مرضى السرطان، ويقول إن مناعتهم تكون ضعيفة بشكل يزيد من شدة الإصابة بكوفيد-19، وتتضمن العواقب التأخر الشديد في الشفاء أو ارتفاع احتمالات الوفاة. 

وأضاف: "لذا، يجب أن تكون حماية صحتهم أولوية كبرى، ليتمكنوا من استكمال علاجهم بلا انقطاع." 

وفي المقابل، يرى بعضهم أنه ليس ممكنا توفير اللقاح لكل مرضى السرطان. 

ويقول الدكتور بات إن مرضى الحالات المتقدمة من سرطان الدم والذين يخضعون لزراعة الخلايا الجذعية بحاجة لتقييم طبي لكل حالة قبل منحهم اللقاح.

لكن لا يسمح للأطباء باتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الحالي. ويقول الدكتور بات إنه يجب أن يتمكن أطباء الأورام من وصف لقاح كورونا لمرضى السرطان من صغار السن بعد إجراء التقييم الطبي.

وتقول شيخا إن طبيبها المعالج نصحها بالحصول على اللقاح "في أسرع وقت منهم"، لأنه قلق بشدة بخصوص صحتها.

"وعملية البحث عن اللقاح مرهقة"، على حد قولها. مضيفة أن الإصابة بالسرطان تسبب ضغطا فسيولوجيا لا يمكن تصوره.

"وعدم الحصول على اللقاح يزيد من هذا التوتر آلاف المرات. نستحق رعاية أفضل."

وفتحت الحكومة الهندية باب التقدم لأخذ اللقاح يوم الثلاثاء الماضي للشريحة العمرية ما بين 45-59 عاما، لكنها لم تذكر أي شيء عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة تحت سن 45 عاما. 

وقالت الحكومة إنها ستعلن عن مرحلة جديدة بعد اكتمال هذه المرحلة من توفير اللقاحات.

ويُجمع الأطباء على أن مرضى السرطان هم أكثر عرضة للإصابة بسبب العدوى عن طريق المستشفى.

ويقول الدكتور أوم شريفاستافا، أحد كبار الأطباء المتخصصين في الأمراض المعدية، إن الكثير من المرضى المصابين بأمراض تهدد الحياة عليهم زيارة المستشفيات للخضوع لجلسات العلاج الكيميائي.

"وهم دائما يواجهون خطر الإصابة بكوفيد في المستشفيات، ويجب إعطائهم اللقاح في أسرع وقت."

لكنه أضاف أنه يتفهم قرار الحكومة القاضي بعدم إضافة الشباب المصابين في المرحلة الأولى من اللقاحات، "فالإمدادات محدودة، وكان عليهم تحديد الأولويات."

وقدمت الهند أكثر من 55 مليون جرعة لقاح حتى الآن. حصل حوالي 40 مليون شخص على جرعة واحدة، في حين حصل أكثر من ثمانية ملايين شخص على جرعتين. 

ويرى الدكتور شريفاستافا أنه "حان الوقت الآن لحصول الفئات الأكثر عرضة للإصابة تحت سن 45 عاما على اللقاح."

ويتفق الدكتور بات مع هذا الرأي، مضيفا أنه يجب وضع سياسات خاصة لمرضى السرطان تبحث في أمور أخرى متعلقة بهم، مثل الوقت بين الجرعتين من اللقاحين اللذين أقرتهما الحكومة الهندية، وهما لقاح أسترازينكا ولقاح كوفاكسين المحلي.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كينغز كوليدج في لندن بالتعاون مع معهد فرانسيس كريك، أن "الأجسام المضادة تتجاوب مع الجرعة الأولى من لقاح فايزر-بيونتيك في الأسبوع الثالث بنسبة 39 في المئة في حالات الأورام الصلبة، و13 في المئة في حالات سرطان الدم، مقارنة بـ 97 في المئة في الحالات غير المصابة بالسرطان.

كما كشفت الدراسة أنه عند إعطاء المرضى الجرعة الثانية من اللقاح بعد ثلاثة أسابيع من الأولى "تحسن رد الفعل المناعي بشكل ملحوظ، إذ كون 97 في المئة من المصابين بأورام صلبة أجساما مضادة خلال أسبوعين."

وخلصت الدراسة إلى أن "من لم يتلقوا الجرعة الثانية بعد ثلاثة أسابيع لم يظهر عليهم أي تحسن يُذكر." 

وزادت الهند مؤخرا من الفترة بين الجرعتين الأولى والثانية، لتصبح 4-8 أسابيع بدلا من 4-6 أسابيع، لكن لا توجد قواعد منفصلة للمرضى الأكثر عرضة للإصابة في أي من الفئات العمرية.

ولا تقتصر الحاجة للقاح على مرضى السرطان الشباب، فالهند بها عشرات الآلاف من مرضى الكلى الذين يقومون بزيارات أسبوعية لإجراء عمليات الغسيل.

ويقول البروفيسور أ فتح الدين، رئيس قسم أمراض الرئة في كلية إرناكولام للطب في ولاية كيرالا إنه رأى الكثير من المرضى يصابون بعدوى كورونا من المستشفيات خلال الموجة الأولى من الوباء في يونيو/حزيران 2020.

"وهؤلاء المرضي (وهم أقل من 45 عاما)، يجب أن تكون لهم الأولوية. لا يمكن لأكثرهم تحمل تكلفة غسيل الكلى في البيت، ولا يمكن تركهم لمصيرهم، هم بحاجة للمساعدة."

وأضاف: "يمكنني القول إن مريض السرطان أو الكلى في سن الثلاثين يواجه نفس مستوى الخطر كمريض السكري في الخمسين."

ساراث كيه بي، 33 عاما، مثال على هذا النوع من المرضى، فهو بحاجة لثلاث جلسات غسيل كلى في الأسبوع، ويخشى من خطر الإصابة بفيروس كورونا. 

ويقول: "أريد من الحكومة أن تتيح اللقاح للمرضى الأكثر عرضة للإصابة، بغض النظر عن أعمارهم."

وتتفق شيخا مع هذا الرأي، "يمكننا فقط القلق بشأن شيء واحد. اعطونا فرصة محاربة كورونا."