صرّاف لـ "برايفت ماغازين" أموال المودعين أصبحت في خانة النسيان...
مشكلة النزوح السوري توازي بخطورتها مرحلة الوجود الفلسطيني عام 1948
صرّاف: لا اقتصاد من دون استثمار... نحن موجودون للعمل وليس لتلعيق النياشين
يعمل بصمت من دون ضجيج، يكافح من دون تذمرّ ويساعد من دون تمنين. هو رئيس اتحاد المستثمرين اللبنانيين وعضو الهيئات الأقتصادية اللبنانية .
الأستاذ جاك صرّاف، صاحب مسيرة ذهبيّة في ريادة الأعمال وخبرة استثنائية وضعها كلّها في خدمة اقتصاد هذا الوطن.
رغم الانتكاسات الكبيرة والمآسي الكثيرة، لم ييأس ولم يستسلم فهو مؤمن بأنّ لهذا البلد قيامة، إنّما تبقى في قلبه حسرة نتيجة ما آلت اليه الأوضاع بشكل عام حسب ما أكدّ في حديث خاص للزميلة رئيسة التحرير ميراي عيد، حيث قال:"إنّ ما يحزّ في قلبي أنا كرئيس اتحاد للمستثمرين اللبنانيين، أنّ كلّ شيء عاد الى حالته باستثناء الاستثمار الذي يشكّل نبض الحياة وعامود الدورة الاقتصادية، حيث أنّه لا يمكن لأيّ اقتصاد ان ينمو ويزدهر من دون استثمار وهو ما نفتقده اليوم. من هنا للأسف، لا يمكنني القول بأنّ الوضع جيّداً اليوم."
وتابع:"في الحقيقة كانت هناك مؤشّرات اقتصاديّة سيّئة منذ خمس سنوات وقبل أحداث 17 تشرين، وعندما حصلت تلك الأحداث للوهلة الاولى فرحنا واعتبرنا أن اللبنانيّ قرّر أخيراً الانتفاض على واقعه والمطالبة بحقوقه، إنّما للأسف مسار الأمور برهن ان هناك أيادٍ خفيّة غير لبنانيّة أرادت، بالتعاون طبعاً مع بعض اللبنانيين المأجورين، تدمير الوطن بناءً لأجندات مشبوهة. فالتحركات الممنهجة ضد المحلّات التجاريّة وسط العاصمة وضدّ المصارف أثبتت بأنّ الهدف هو تدمير الاقتصاد والوطن، حتى أتى انفجار المرفأ ليؤكد ان هناك تواطأ دوليّاً كبيراً على لبنان، ذلك أنّه لا يمكن ان يتمّ هكذا حدث من دون تغطية، فتصريحات الرؤساء التي سرعان ما تمّ سحبها من التداول فضحت المستور. أنا مقتنع بأنّ ما حصل تمّ عن قصد".
وأردف قائلاً: "ورغم كلّ هذا، بقينا نحن كهيئات اقتصاديّة صامدين، ورحنا نفكّر بكيفيّة المحافظة على بلدنا رغم أنّ الصعوبات التي تواجهنا كانت ولا تزال صعبة جدّا، ولعلّ ابرزها يكمن في غياب الضمان الصحي وهو مشهدٌ مؤلمٌ نصادفه يوميّاً في الإعلام وفي مؤسساتنا ومكاتبنا".
وردّاً على سؤال حول تأثير النزوح السوري على الاقتصاد، اعتبر صرّاف أنّ :"لبنان صغير بمساحته الجغرافية في حين ان الأراضي السورية واسعة وهي بالحقيقة ارض خيرات. نحن من حيث المبدأ ضد التواجد السوري غير الشرعي على الأراضي اللبنانيّة وقد شاركنا كهيئات اقتصادية في العديد من الاجتماعات ورفعنا الصوت. طبعاً، كأصحاب عمل، نحن لدينا ما بين 300 و 400 الف عاملاً سوريّاً يعملون بشكل يوميّ وهم حاجة للإقتصاد لأن اللبنانيّ لديه نوعاً من العنفوان بحيث توجد مجالات عديدة لا يمكن له ان يعمل بها، وأنا متفّهم لهذا الامر. باختصار نحن بحاجة لليد العاملة السوريّة في بعض القطاعات وكنّا قد شاركنا في عدّة اجتماعات خصّصت لهذه الغاية، إنما نحن بالتأكيد ضد شرعنة التواجد السوري والإهمال الذي حصل في هذا الاطار منذ العام 2012، إنّما كان مقصوداً ومموّلاً، وهذا الأمر خطير للغاية، حتى أن خطورته توازي خطورة ما حصل في العام 1948 مع الفلسطينيين. من هنا، يجب بمكان حصول توافق لبناني- سوري على تغيير الوضع القائم. علماً، بأن السوري المتواجد في لبنان لديه عدّة اسباب تمنعه من العودة الى بلاده، منها ما يتعلّق بالتجنيد الإجباري ومنها ما يتعلّق بالاغراءات الماديّة وطموحه بالهجرة الى البلاد الأوروبيّة كألمانيا مثلاً."
هذا وأسف صرّاف لأن هذا الموضوع لم يعالج في لبنان كما حصل في الأردن حيث المنظمات الدوليّة رصدت موازنات مباشرة للحكومات وليس للأفراد كما يحصل هنا.
من ناحية اخرى، وحول موضوع التدقيق الجنائي واسترداد اموال المودعين، اعتبر ان الموضوع انتهى وادرج في خانة النسيان.
وحول مشاركة الهيئات الاقتصادية في اجتماعات الاعداد للموازنة، قال صرّاف:"نحن كهيئات اقتصادية شاركنا وساهمنا في العديد من الاجتماعات مع اللجنة المالية البرلمانيّة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وتمّ الأخذ بأفكارنا، ، انما للحقيقة وللأمانة شيئاً ما جرى في الساعات الأخيرة التي سبقت اقرار الموازنة، ذلك ان مواداً عديدة كنّا قد ناقشناها اختفت، لكن العمل جار اليوم لإعادة اقرارها، لذلك يمكن اعتبار موازنة 2024 أنها فنّ الممكن. اليوم نحن موجودون وفاعلون في اطار الاعداد لموازنة 2025، وهنا نؤكد بأننا نحن كهيئات لا نعمل من أجل تعليق النياشين إنّما لأننا مؤمنين بهذا البلد وطاقاته."
الى ذلك، شدّد صرّاف على أهميّة الشفافيّة في القطاع الخاص، حيث قال:"لقد وصف هذا القطاع بأنّه مصّاص الدماء، انما ومنذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في العام 2019 برهن هذا القطاع عن قدرته على الصمود والمحافظة على كادراته البشرية حين فشل القطاع العام، وحتى حين عجز الضمان ذهب القطاع الخاص باتجاه التأمين الخاص، وبالتالي نحن قمنا بواجباتنا تجاه موظفينا وتجاه دولتنا وحافظنا باللحم الحيّ على مؤسساتنا في حين ضرب الشلل التام كافة الوزارات والمؤسسات العامة."
وفي هذا الإطار، وجّه صرّاف "تحيةّ الى مدير عام وزارة الاقتصاد الأستاذ محمد حيدر الذي قام ويقوم بعمل جبّار على صعيد وزارته من حيث المكننة والتطوّر حتى انه اصبح مرجعاً تعوّل عليه الجهات الخارجيّة، على امل ان يتم تعمميم هذا النموذج على باقي ادارات الدولة اللبنانية."
في نهاية الحديث، أكدّ صرّاف على انّ الهيئات الإقتصادية كانت ولا تزال تفكّر بما يجب عليها تقديمه للمجتمع من خلال مساحات العمل التي تملكها، حيث قال:" هذا يأتي في صلب الرّسالة التي نؤدّيها من اجل الصمود في لبنان لأنّ الأمل يبقى موجوداً بهذا البلد".